الرئيسية

نظم المعلومات الجغرافية الهدفية

صورة الكاتب: 

إن تمثيل الواقع و نمذجتة من أهم أهداف نظم المعلومات الجغرافية و لهذا تأتي البيانات من أهم أركان هذه النظم إذ تمثل نماذج البيانات الواقع في قلب النظام و علية فإن نجاح أي نظام معلومات جغرافية يعتمد على مدى قربة أو بعدة من تمثيل الواقع الذي يراه و يحسه المستخدم . بالإضافة إلى مدى كفاءة النظام تقنيا و سهولة استخدامه .

إنه و إلى اليوم مازالت كثيرا من نظم المعلومات الجغرافية تعتمد على نموذج الكيانات ( الظواهر ) العلائقية _ Entity ) ( E-R ) – Relationship Model كنموذج للبيانات data ) ( model في تمثيل البيانات الجغرافية و معالجتها و تحليلها . فهو نموذج لوصف الكيانات و شرحها و علاقاتها داخل نظام قاعدة بيانات علائقية ( rdbms ) ، بحيث تمثل الظواهر ( أو الكيانات ) بما تحويه من خصائص ( attributes ) و علاقات في جداول ( tables ) يربط فيما بينها بخصائص أو رموز تعريفية مشتركة . و رغم أن للنموذج هذا فوائد عديدة في إدارة البيانات الجغرافية ، إلا أن أوجه القصور في بعض الجوانب التطبيقية أدى إلى تبني مفهوم الأهداف الموجهة و تقنياتها –object oriented technology) . و تتميز هذه التقنية الجديدة في كون الواقع يمثل في شكل أهداف ( objects ) ( ظواهر ) كما يراها المستخدم في الواقع بما تعنيه الكلمة من معنى ، وذلك كون الهدف يشتمل على خصائص و وظائف أو سلوك ( behavior ) في آن واحد بحيث يمكن بسهوله استيعابها و إدارتها ، مقارنة بالنموذج العلائقي الذي لا يشمل التمثيل سلوك الظاهرة ، بل ينظر إلى الظاهرة على أنها نقاط أو خطوط أو مساحات منتشرة في جداول عديدة ، و ليس كهدف قائم بذاته في شكل وحده جامعة ( unit ) غير منفصلة خصائصة عن سلوكه . إن نموذج البيانات الهدفي هذا جعل نظم المعلومات الجغرافية القائمة علية أكثر إثارة و أكثر سهوله و تطويعا ( scalable ) بالنسبة للمستخدم و مطور النظام على حد سواء . هذا هو الجيل الجديد من نظم المعلومات الجغرافية . فالظاهرة هنا يمكن أن تمثل على أنها فئة هدفية عليا super object class لها فئات ثانوية ( sub-classes ) ترث كل صفات الفئة العليا و سلوكها . با لإضافة إلى خاصية التوريث ( inheritance ) هذه ، فإن هناك خصائص للتقنية الهدفية يصعب حصرها هنا ، غير أن خاصية الاحتواء أو التغليف ( encapsulation ) و خاصية تعددية الشكل ( polymorphism ) مع خاصية التوريث ، تعد أهم خصائص التقنية الهدفية في بناء قواعد البيانات و البرامج و النظم التطبيقية الهدفية .

إن أكبر تكلفه يمكن أن تتحملها مؤسسه أو هيئة ترغب الاستثمار في نظم المعلومات الجغرافية ، هي تلك التكلفة المتعلقة بالبيانات ( إنشاءً و تحويلاً ) و لأجهزة و البرامج خاصة تلك المتعلقة بالتطويع لكن ، و كما هو معروف الآن لا يوجد نظام معلومات جغرافي يقوم بكل ذلك مئة في المئة ، أو يقوم بذلك بكفاءة متساوية . غير أن أهم المتطلبات التي يجب مراعاتها عند اختيار نظام معلومات جغرافية معين ، هي طريقة تركيب قواعد البيانات ( database structure ) التي يقوم عليها النظام . غير أن نماذج و تراكيب قواعد البيانات الهدفية الحديثة تعد خياراً استراتيجيا لأي مؤسسة تتعامل مع نظم المعلومات الجغرافية .
يمكن تلخيص مزايا هذا الجيل الجديد من نظم المعلومات الجغرافية ( الهدفية ، و الهدفية- العلائقية ) في خصائص عامه فيما يلي :

1ـ يعد التصميم بالأهداف الموجهة أقرب للواقع الخارجي أو المشاهد ، لأنه يحتوي على مجموعات من الأهداف الذكية ( intelligent objects ) ، كل هدف منها محدد بصفات و علاقات و سلوك ، بدلاً من الاشكال الهندسية من الخطوط و المساحات و النقط المربوطة بجداول فقط ، كما في نماذج البيانات التقليدية في نظم المعلومات الجغرافية ، حيث تحدد الظواهر يدويا داخل نظام المعلومات الجغرافية بشكل مستقل ثم تربط بحرص فيما بعد مع الصفات في جداول في نظام إدارة قواعد البيانات العلائقي بواسطة رموز تعريفية .

2ـ يتعامل نظام المعلومات الجغرافية الهدفي مع الأهداف حسب قواعد و شروط دقيقة و بعلاقات متضمنة في نموذج تصميم قاعدة البيانات . و لأن هذه القواعد تخزن داخل نموذج بيانات نظام المعلومات الجغرافية الهدفي ، فإن تعقيد و عدد الإجراءات الخاصة ببرمجة التطويع ( custom programming ) المطلوب كتابتها و تنفيذها ( داخلياً ) أصبحت قليلة جدا .

3ـ يمكن تخطيط و تصميم نموذج قواعد البيانات في هذه النظم من خلال أدوات هندسة البرامج الآلية المساعدة – computer aided software engineering tools ، باستخدام لغة مثل لغة النمذجه الموحدة ( UML ) . وهذا يساعد المستخدمين في تصميم قاعدة البيانات آليا ، ليكون التصميم تصميما متكاملا و مطوعا ، بل يضمن التخطيط لعمليات التطبيق أياً كانت ، و بهذة الآلية يكون تطوير النظام و تحسينه أسهل في كل مراحل التطوير .

4ـ إن الفئات المنشئة في هذه النظم مصممه لتكون قابله للاستخدام مرات عديدة Reusable ، وهذا سر عملية التطويع . كما أن الفئات بهذا الشكل تعد أكثر رصانة و ثباتا مما يجعل البرامج و النظم التي تستخدم هذه الفئات أقل عرضة للاخطاء أو الفيروسات ( Bugs ) ، مقارنة بالنظم أو البرامج التي تبدأ من الصفر . إن هذه المكونات ( الهدفية البرمجية ) المجربة و الموثوقة في بناء النظام و تصميمه تجعل النظام عالي الجودة . كما أن عملية صيانة هذه المكونات تعد أمرا سهلا لأن المبرمج المختص في الصيانة عادة مايغير و ظيفة أو عملية معينة للفئة الواحدة في المرة الواحدة . بالإضافة إلى أن الفئات هنا تكون مستقلة عن بيئات العمل ( platforms ) و البرامج و الأجهزة .

5ـ لأن نموذج البيانات ( data model ) في هذه النظم الهدفية يعد متصلاً ( seamless ) أي أن البيانات غير منفصلة أو موزعة في شكل إطارات مجزئة أو سلاسل شبكية ( grids ) – كما في السابق – فإن المستخدم يستطيع أن يحدث أو يصحح أي ظاهرة أو جزء منها في أي وقت , فالمناطق أو الظاهرة قيد التحديث ليست مقفلة ( منفصلة ) ( locked-out ) أثناء التحديث وهذا يسمح بإكمال التحديث بشكل أسرع كما أن نموذج البيانات يسمح بعملية ربط الشبكات ( network connectivity ) لتتم آنيا ( on-the-fly ) و ليس في شكل متكرر ( repeated ) أو في شكل عمليات معالجة إضافية يدوية ، كما في السابق .

6ـ إن إمكانية الربط بين نموذج البيانات الهدفي في هذه النظم و بين نظم إدارة قواعد البيانات العلائقية ، يعد أمرا في غاية الفائدة للأقسام التي تتعامل مع تقنية المعلومات ( IT ) في المؤسسات أو الهيئات الكبيرة التي استثمرت و بتكاليف عالية في تشغيل و صيانة نماذج البيانات الخاصة لنظم معلومات جغرافية تقليدية ، ومن ناحية أخرى تجد صعوبة في تغيير أو استبدال نظم إدارة قواعد البيانات العلائقية التي صرف عليها الكثير في شرائها و صيانتها . وبما أن نموذج البيانات الهدفي يقع ضمن نظام إدارة قواعد البيانات العلائقي فإن الفئة الواحدة الموجوده في القاعدة داخل النظام يمكن أن تستخدم من قبل أكثر من مستخدم في حين أن المستخدمين قادرون على الوصول إلى البيانات من خلال الطرق المسموح بها في الفئة وهذا يضمن سلامة البيانات .

7ـ توفر هذه النظم الهدفية سهولة المشاركة في البرامج المنتجة من قبل مصنعين مختلفين ، خاصة من وجهة نظر المبرمجين . وبما أن المسخدم يفكر أو يركز من منظور هدفي و أحداث ( Events ) ( بدلا من التركيز على التركيبات البرمجية التقليدية ) فإن منهجية الأهداف الموجهة تسهم في إتصال أفضل بين المبرمجين و اسقاط المستخدم .

هذه بعض خصائص الجيل الجديد من نظم المعلومات الجغرافية و التي وجدت رواجا كبيرا من قبل المستخدمين و المطورين على حد سواء . للمزيد في هذا الموضوع ، يمكن الرجوع إلى بحث بعنوان :خصائص بناء نظم المعلومات الجغرافية بالأهداف الموجهة ، وهو بحث للكاتب في مراحله النهائية و سيقدم للجمعية الجغرافية السعودية بغرض النشر ).

*أستاذ الخرائط و نظم المعلومات الجغرافية المشارك / قسم الجغرافيا / كلية الآداب / جامعة الملك سعود

old_id: 
18
اسم الكاتب: 
د . علي بن معاضه الغامدي