الرئيسية

هل انتفت الحاجة لتسمية شوارعنا وترقيم مبانينا؟

تساؤل ربما لا تعدم في طرحه الدهشة في ظل معطيات الحاضر لغرض استشراف المستقبل حيال جهد وانفاق ربما اكتشفنا لاحقاً انه ضاع هدراً في هذا الجانب بمدننا، فهيمنة البيئة الرقمية على حياتنا وتنامي اعداد الاقمار الصناعية التي تسبح في مدارات حولنا جعلت الاستدلال على المكان الذي نقصد الوصول اليه عبر استخدام تقنية نظام التحديد المكاني (GPS) القائم على معرفة احداثيات هذا المكان اضحى اكثر سهولة ويسراً من ناحية الجهد والوقت مقارنة باتباع الاسلوب التقليدي الحالي القائم على معرفة اسم الحي والشارع ورقم المبنى.
واجهزة مثل الصحة والدفاع المدني والامن العام هي بالطبع من سيستفيد اكثر باستخدام هذا الاسلوب وتطبيق هذه التقنية وتوظيف ايجابياتها لسرعة وصول سيارات الاسعاف والحريق والشرطة والمرور لموقع الحدث، وتندرج هذه الاستفادة ايضاً بلا شك على قطاع الخدمات الاخرى الاوسع كالبريد وسيارات الاجرة وايصال السلع ونحوها، حيث سيمكن تبني هذه التوجه وتطبيق هذه التقنية في توفير الكثير مما يضيع من وقت ومال على تحقيق كفاءة اداء هذه القطاعات وتلبية احتياجات العملاء من خدماتها.
إن ما اشير اليه هنا ليس طروحات نظرية وانما مشروعات أضحت تلامس ارض الواقع فخلال هذا الاسبوع ستفتح مظاريف الشركات المتقدمة للاستثمار في مشروع مؤسسة البريد بالمملكة لايصال الرسائل البريدية والطرود لكافة المنازل والمباني في مدننا، هذا المشروع الذي تتبناه المؤسسة للعنونة والترميز الذي يقوم على مفهوم البريد الرقمي من خلال تحديد العناوين عبر خدمة نظام الـ (GPS)، حيث ستعتمد مؤسسة البريد في تطبيق مشروعها على استثمار تقنية الاقمار الصناعية وتصميم خرائط بريدية تسهل عملية الوصول للمستفيدين من خدماتها وتوزيع البريد في محل الاقامة بيسر وسهولة، وهذا يعني بإذنه تعالى اختفاء مقار صناديق البريد المنتشرة في مدننا ووصول الخدمة البريدية لمقار سكننا وعملنا مباشرة دون الحاجة لتحمل مشقة العناء لصناديق البريد للحصول على هذه الخدمة.
بقي أن نتساءل عن أمر أساسي في هذا الجانب ألا وهو غياب الوحدة وتضافر الجهود بين كافة الاجهزة التي من الممكن ان تستفيد من الاخذ بهذا الاسلوب وتبني تطبيق تلك التقنية وبالذات في تأسيس البنية الاساسية لهذا النظام الذي بلا شك انه سيتكرر انشاؤها في كل جهاز سيأخذ بهذا التوجه وبالتالي تقليص التكلفة وتوفير الوقت والجهد لتكرار ايجاد هذه البنية الاساسية في كل جهاز خدمي يتبنى ذلك، لا سيما وان ما سينفق في هذا المشروع من قبل مؤسسة البريد سيصل لأكثر من 600 مليون ريال ستبلغ حصة توفير البنية الاساسية نصيباً لا يستهان به من التكلفة الاجمالية للمشروع، هذا التساؤل الذي لا أملك الاجابة عليه ربما يفضي لاقتراح القيام باعادة النظر في نظام التسمية والترقيم المقر من مجلس الوزراء الذي تتبنى تطبيقه الامانات والبلديات في المملكة في الوقت الحاضر وتطويره على ضوء المستجدات الحالية في هذا الجانب، يؤيد ما ذهبت اليه عدم تحقق الاستفادة القصوى من نظام التسمية والترقيم الحالي، ولعل خير ما يعبر عن ذلك بصورة لا تقبل التأويل مشروع مؤسسة البريد الذي أشرت اليه.

المصدر : www.alriyadh.com

old_id: 
553
اسم الكاتب: 
د. سليمان بن عبدالله الرويشد